منير رحومة (دبي)

من جولة إلى أخرى، يكشف دوري الخليج العربي عن مواهب كروية تجلس على دكة البدلاء، وتلعب لدقائق معدودات، لكن دخولها إلى الملعب له مفعول السحر على فرقها، فهي تترك بصمتها بهز الشباك وتسجيل أجمل الأهداف، وفي الكثير من المباريات تقلب المعطيات وتساهم في تغيير النتيجة بالكامل.
وعلى الرغم من نظرة الجماهير للاعب البديل على أنه مجرد تكملة عدد أو عنصر أقل مستوى من العناصر الأساسية، وأنه غير قادر على فرض نفسه في تشكيلة الفريق، فإن العديد من مباريات الموسم الحالي، وخاصة في الجولة الثالثة لدوري الخليج العربي، شهدت تألق مواهب حقيقية من على الدكة، وبروز نجوم حقيقية يملكون مهارات عالية وفنيات كبيرة، حتى وصل عدد البدلاء إلى ستة لاعبين كان لهم بصمة في الجولة الماضية ونجحوا في تسجيل أهداف مهمة لفرقهم.
وبعد أن كان تألق البدلاء محتشماً في أول جولتين، وبروز يحيى الغساني لاعب الوحدة، الذي دخل في الشوط الثاني وسجل هدفاً في الدقيقة 85، وفي الجولة الثانية تألق إبراهيما دياكيه لاعب العين الذي دخل بديلاً أمام الظفرة وسجل هدفين في الدقيقتين 80 و87، وقاد فريقه لقلب الطاولة على الضيوف وانتزاع النقاط الثلاث.
انتفض البدلاء في الجولة الثالثة لدورينا، وسجلنا تألق ستة لاعبين مرة واحدة، حيث خطف إبراهيم خميس لاعب الفجيرة الأضواء عندما دخل في الشوط الثاني وسجل هدفاً بعد دقيقة واحدة من نزوله، ثم أضاف الثاني في الدقيقة 90 +2 أمام عجمان، محولاً خسارة فريقه إلى فوز ثمين، كما قدم أحمد العكبري لاعب الوحدة فاصلاً مهارياً من طراز عالٍ، عندما انضم إلى تشكيلة «العنابي» في آخر ربع ساعة من عمر اللقاء، ونجح في تسجيل هدف بمهارات فردية عالية في الدقيقة 87.
وبدوره ترك وليد عمبر لاعب الإمارات بصمة إيجابية مع فريقه الصقور، عندما دخل في الدقيقة 77 وسجل هدفاً في 90+3 حاسماً به النقاط الثلاث لفريقه، وأيضاً دخل سالم علي إبراهيم لاعب بني ياس بديلاً، وسجل هدفين، الأول في مرماه بالخطأ، والثاني أهدى به نقاط التعادل للسماوي في الدقيقة 89.
وأيضاً انضم أحمد إبراهيم لاعب دبا الفجيرة إلى صفوف فريقه في الشوط الثاني وسجل هدفاً في الدقيقة 90+6، كما أن دجوجاك لاعب اتحاد كلباء نزل بدوره في الشوط الثاني وسجل هدف التقدم لفريقه أمام الظفرة في الدقيقة 72.
وأكد المتابعون لدوري الخليج العربي، على أن البدلاء أضفوا تشويقاً كبيراً في أجواء التنافس بالمباريات، وأثبتوا أن الفريق الذي يملك مواهب جيدة على الدكة بإمكانه حصد النتائج الإيجابية، لأنهم يمثلون أوراقاً رابحة وإمكانياتهم لا تقل عن الأساسيين، وأن مشاركاتهم تتوقف على الخطط الفنية والتكتيك الذي وضعه المدرب للقاء.
واعتبر عبد الرحيم جمعة، لاعب الوحدة والمنتخب سابقاً، أن أغلب المدربين يعتبرون البدلاء أوراقاً تكتيكية يتم توظيفها بناء على طريقة اللعب والرسم الفني للفريق وإمكانيات المنافسة، مشيراً إلى أن بعض الأجهزة الفنية لا تبادر بكشف كل أوراقها منذ البداية، وتحاول إخفاء بعض مصادر القوة لقلب المعطيات خلال سير اللقاء.
وشدد على أن إمكانيات العديد من البدلاء لا تقل عن الأساسيين، وبإمكانهم تبادل الأدوار من مباراة إلى أخرى، على عكس ما يتوقعه البعض، بأن اللاعب الاحتياطي مجرد تكملة عدد، وأن مستواه لا يسمح له باللعب منذ البداية.
كما أوضح أيضاً أن العديد من المدربين لم يكتشفوا المستويات الحقيقية لأغلب اللاعبين بالفريق، ومع مرور الوقت وخوض المزيد من المباريات، بالإمكان جمع فكرة كاملة وشاملة عن مختلف العناصر، الأمر الذي ينعكس على إدخال تغييرين في التشكيلة. وبخصوص تألق ستة لاعبين بدلاء في الجولة الماضية، وخطفهم الأنظار بدورهم الفعال، أكد عبد الرحيم جمعة، أن بعض اللاعبين الذين دخلوا في الشوط الثاني مستواهم أفضل من عناصر بدأت ضمن التشكيلة الأساسية، معتبراً أن الدور الذي قام به أحمد العكبري وتسجيله لهدف بمواصفات عالمية فيه الجرأة والقوة والسرعة يؤكد أن هذا اللاعب من طراز عالٍ، وأن جلوسه على الدكة مجرد اختيار تكتيكي للمدرب.
وأكد علي إبراهيم، مدرب المنتخبات الوطنية سابقاً، أن اللاعب البديل عنصر مهم بالفريق وأنه لا يتم تقييمه بناء على الدقائق التي يلعبها وإنما بالعطاء الذي يقدمه، والإضافة التي يظهرها داخل الملعب، مشيراً إلى أن الأجهزة الفنية تعول كثيراً على دكة البدلاء من أجل تجهيز نخبة من العناصر المميزة التي بإمكانها قلب المعطيات والمساهمة في تطبيق الرسم الفني والتكتيكي في مواجهة المنافسين.
وأضاف أن تألق العديد من اللاعبين البدلاء في الجولة الماضية، وبروزهم كنجوم لدى جماهيرهم بالأهداف التي سجلوها ودورهم الفعال في حسم النتيجة لمصلحة فرقهم، يؤكد أنهم لا ينقصون أي شيء عن زملائهم الذين يبدؤون المباراة، وبالتالي فإنهم قادرون على اللعب ضمن التشكيلة في المرحلة المقبلة.
كما أوضح أن العديد من المدربين في دوري الخليج العربي، يحتاجون إلى بعض الوقت لمعرفة إمكانات اللاعبين، وبالتالي فإن طريقة اللعب والتشكيلة الأساسية قابلة للتغيير من جولة إلى أخرى، حتى يتم إيجاد التوليفة الأنجح والأنسب للفريق.وشدد أيضاً على أن العديد من اللاعبين البدلاء ينتظرون فرصتهم للانقضاض على مكانهم في التشكيلة الأساسية وتغيير قناعات المدرب بجدارة اللعب منذ البداية، كما اعتبر أن العديد من العناصر التي برزت مطالبة باستغلال الفرصة لتأكيد حقيقة إمكاناتها ومواصلة عروضها القوية للعب منذ البداية.